الأحد، 12 يوليو 2015

وصفات صلبة





وحيد القرن الأخير


في الساڤانا وحيد قرنٍ أخير على الأرض


وحيد قرنٍ بأعضاء ضخمة وبلا حبيب


وحيدٌ هائلٌ لكنه لا ينام إلا مخفوراً بحراسٍ أشداء مدربين


وحيدٌ صلبٌ كفضيحة


لكنه مضطر للجوء إلى آدميين لحمايته من آدميين آخرين يتربصون بقرنه الأخير على الأرض


وكما أن الطاعون يفضل الفتك بالأشداءيفضل التجار والقناصة والمرتزقة قنص الأشياء الوحيدة


ذلك أن الوحدة صلبة ونادرة
فكيف إذاً بوحيدٍ هو آخر الوحيدين


تروى إشاعات عن أسرار في القرن الوحيد المتبقي على الأرض
عن كنوز وهياكل ستنجلي لمن يحصل على قرن آخر الوحيدين


تروى إشاعات عن اختفاء الوحدة والقصائد والروايات الجيدة عند قتل الوحيد الأخير وأنه لن يكون بمقدور الناس قراءة الروايات العظيمة التي كتبت في السابقلأنهم سيحتاجون للوحدة التي ستكون ميتةً حينها


حينها وبدون الوحدة

وبدون الروايات العظيمة وقصائد الشر

سيكون على الناس أن يواجهوا كآبتهم كرجال ويطلقوا عليها الرصاص
أو يطلقوا على أنفسهم النار


لقد غيرت رأيي 
لستُ متعاطفاً مع وحيد القرن الأخيروعلى أحدهم أن يطلق عليه الرصاص! 



الأسنان تكسب الليل 



 بات عليهم أن يتقاسموا البيت مع آخرين.

 مع كائنات رخوةٍ  تترك دمنها وخرائبها في الليل. تنجو من حطب الموقد في كانون، تتسرب كغائب ، تتناسل كيأسٍ، تناور كنظرة، تتطمئن ككأس، وتتفادى كلعنةٍ
 يد المصائد والتجويع وموجات ما فوق الصوت.

 الذين زينوا الفخاخ بالجبن والصمغ وزبدة الفول والشوكولا كانت تضوع رائحة خوفهم في الفخاخ.
الخائفون في المساءات يجهلون ألا شيء يوقف الفئران.  فالخوف نزهة ليلية لدى الفئران . وكل مكانٍ تفكر فيه البغايا يصبح بيتاً باسمها .. يصير  نافذة.. أو وليمة على الأقل. 
إذ بأسنانها  لا بقلبها تبصر الفئران.

الوحيد تتنزه في حياته وسريره وتقرض أعصابه الفئران. تبول على رسومه وأوراقه ولا تعبأ بجلبته في الليل.
الوحيد يتعرق ويفكر حين يسمع برقها الرصاصي الخاطف في الليل :
بالأسنان القوية يُخطف العمر وتُردم قصص الغياب.
بالأسنان تُحفر الأنفاق وتُكسب الحرب.
بالأسنان تزداد خصوبة الطاعون، تسمم الروايات، ويُبال على ملابس الملوك في الخزانات

أسابيعٌ تمر كالوباء. الوحيد سدّ كل ثقبٍ. أخفى أرزاقه بإحكام و حصّن البيت بالسموم واليقظة والنعناع. حصّن البيت بضوضائه وتراتيله في الليل.  لا الخراب نفد والعاهرات لم يتوقفن عن التغوط والغناء.

لا فرق بين أرضٍ وماء
ولا بين قلعةٍ وحقلٍ في عقيرة الفئران.
فالفئران بحبال القراصنة وعيون المردة  تسرق الرجاء  الصالح تقرض الغيم تبول على زخارف المصحف تغني في السفن الناجية رغماً عن الأنبياء.

 إذ بأسنانها لا بقلبها تبصر الفئران. 
وأنت يا صاحب البيت لن تكمل الرواية ولا الحب والفأر يقرض كعكة قلبك الساخنة. 
يا الضخم المنهزم في منزله.
 يا الوجل من حداء القوارض ودبكتها في الخشب والليل خلف النوم وورق الجدران.

كان عليك بدل أن تحصي ثقوب البيت وتدرس أطلس المكافحة وخطط الأمل .. كان عليك أن تقر بالخسارة وأنت تبحث يائساً عن منزلٍ آخر في مدينة مفخخة بالفئران. 

كان عليك كي ترتق قلبك ..  
أن تدرس بصيرة الفئران.

@@@@@@@

سر الحياة  



الأطفال ابتكروا إلى متحف العلوم. قضوا وقتاً طويلاً في ورشة السير جيمس وات. استمعوا إلى هدير محركات البخار. استنشقوا الفحم الحجري وعبق مصانع النسيج. أبحروا بالسفن المحملة بالشاي والرقيق. ركبوا طائرة الأخوين رايت. وشاهدوا لندن وهي تقصف بقنابل الألمان. تنزهوا في عصبونات الدماغ ، وفككوا شيفرة الحمض النووي. صعدوا مع أبولو إلى القمر، وسبحوا في مجرة الحليب. وحين انتهو وأرادوا شراء تذكارات من المتحف: تركوا جيمس وات ومحركاته. تركوا أبولو والقمر. تركوا تاريخاً وحياةً طويلةً من خمسة أدوار. واشتروا وهم يتضاحكون:
علبة معبأة بالضراط!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق