وأوقاتٌ شحيحة لليأس.
بقلبي فقط أعرف هذا
مراراً شاهدتكم
تعبرون دمعتي الأخيرة
رغم أنني لم أقابلكم من قبل.
فارقتم البيت
قبل أن أشاهد عيونكم النافذة
أو ألمس أيديكم المكدسة بالعروق.
أحببتكم أكثر مما تظنون
يا من تجهلون التعب العريق
في ألا يبصر المرء أبداً
عيون الجد
شدتني الضحكات اللامعة في عيونكم
ولطالما حلمتُ بكم
تدقون قهوتكم في الفجر
تعجنون خبزكم على الجمر
تنكثون عتيق التمر
وتطلقون حكمتكم وهيلكم في السكك والصحراء.
عشتُ حياتي مبهوراً بسواعدكم العارية
وشعوركم الطويلة
ولحاكم الخشنة الحمراء.
أشتاقكم
رغم أنه لا توجد صورة واحدة لكم
وبكيتكم فجأةً في منتصف الليل
رغم أننا لم نلتق على الإطلاق.
تخيلتُ حصانك المتعب من الحرب
يا جدي لأبي.
تخيلتُ عيونك التي أبصرت اللؤلؤ في الغوص
يا جدي لأمي.
سمعتُ كثيراً من أبي
عن صدر أبيه المفتوح
لأنه عاش العمر
لا يزرر ثوبه الوحيد
..كم ناراً وكم جوعاً وكم صخرةً شققت ذاك الصدر؟
وسمعتُ من أمي
عن عنق أبيها اللافت الطويل
.. هل طالت عنقه لأنه بقي كثيراً في البحر؟
.. كم قمراً وكم ناراً وكم نجمةً وسمت عنقك يا جد؟
لا أعرف يا رب
لكن كيف يكون من المقبول
أن يعيش المرء حياة طويلةً
هكذا
دون أن يبصر حكايةً
تخرج من فم الجد؟!
كيف يمكن أن يكون المرء
مرئياً
وكل ما يعرفه عن هيئة الجد
يخص أجداداً
متخيلين؟
كيف يمكن أن يظل المرء حياً
دون أن يسمع
ولو لمرةٍ
في الصباح
صوت الجد؟!