الجمعة، 8 يونيو 2018

حكت لي الأخشاب




حين انتهينا من نقل الأثاث للبيت، نمتُ من التعب على خشب الباركيه. كنتُ مكشوفاً فحدثتني الأخشاب.
أخبرتني عن العائلة التي كانت تسكن البيت
حكت لي عن يقظة الأب المبكرة بلا هدفٍ واضحٍ كل يوم
عن المثانة العصبية التي تعذب الأم
ورقصة الطفلة الكبيرة في الغرفة الضيقة على موسيقى السبعينات

حكتْ لي الأخشاب
عن شجاراتٍ كانت تمتد طيلة الليل 
في منزل الجارة العجوز التي عاد ابنها من الحرب
وعن أشباحٍ مهذبة لا تستطيع مغادرة البيت منذ عقود،


حكتْ لي الأخشاب عن الألم الذي تسببه لها ساعة الحائط
والجرح الذي تتركه قطرة الماء في الحوض
والقرف الذي تشعر به من تسكع الفئران فوقها آخر الليل

وأخبرتني عن خطوات ثلاث سبقتْ وصولي إلى البيت
خطوة الأب الثقيلة فوقها كمرساة 
خطوة الأم المائلة في أيام الطمث
وخطوة البنت المليئة بالموسيقى والبروزاك
وأن البيت الإنجليزي قبرُ خشبي صغير،
 لا يمكن استخدامه مطلقاً للنجاة.

وقالت إن الخطى هي الناس، وإن أقدام الناس هي الشيء الوحيد الذي يمكث في الأرض. 

 قالت لي أخشاب الأرض إنها شعرتْ بفراغٍ وأسى كبير 
 مذ مشيتُ فوقها بالأمس
وإنها وجدتْ خطايَ بيضاء تماماً كالصحراء
لا تتركُ صوتاً ولا ثقلاً ولا حكايات
وإننا موعودان معاً بصمت أبيضٍ طويل

وقالت لي بوضوح: ما جدوى أن يقوم شبحٌ مثلك بدفع الإيجار؟ 
كان بإمكانك أن تجلس مجاناً أمام النافذة، وتنتظر بلا طائل، مثل أشباح كل البيوت. 


هناك تعليق واحد: