الثلاثاء، 17 مايو 2022

الغضب على الظهير



نشاهد الليلة نفس الوثبات البائسة من ظهير فريقنا الكسيح. نضع ثلجاً ملوناً في زجاجة التنباك ونسحب سيلاً طويلاً من اللعنات. ونقول إنها خطى. وهذي الخطى لا تقود إلى صيحة أو جناح. نقول إنّ هذي الساق جرحٌ قديم يحرث العشب، وهذي اللمسة موت بطيء.  مخطيء من يقول الملعب يتسع حين يركض الظهير. من يقول العشب يشعر و الهواء يحس والسماء ميعاد. لأننا  شاهدنا الظهير يعرق منذ أعوام ولا يخلق أي فرصة للطيران. ثم شهدنا اللعنات تتدحرج فوق ظهره من أعالي المدرجات. لكن لم يكن لدينا ما نلعنه سواه.  هذا الركض الطويل العقيم. كأن هناك إصراراً من جهة ما على جريان الكرة من مجراه. لم تجر كرة سوى بين ساقيه المقوستين. لم يركض أمامنا إلا هو ولم يتوقف فجأة سواه. وكانت عيوننا بسبب ذلك محاصرة في الرواق الشمالي. وكان على لعناتنا أن تتبع مسار الملل الأعسر. 

كأن الظهير هو المتاح لغضب ورثناه من أسلاف مكسورين. نتمسك بالفرق الخاسرة لأننا خسرنا الأصدقاء والحياة، ونلاحق فريق الطفولة العقيم لأنه فرصتنا الوحيدة في التعلق. لأنه الشيء الوحيد الذي لا يتخلى عنك. تتخلى العائلة والبيت. لكن فريق الطفولة المنهار لا يدعك للصمت. 

قلت للنديم وهو يشاهد طلعةً فاشلة للظهير إن الظهير بالذات ليس سوى غضب هش يجري باستمرار.

قلت إنه لعنتنا القديمة التي تخرج من أدمغتنا لتركض في الرواق ونلعنها معاً على الهواء. 

نصدّقُ أنه يسمع صراخنا في خلق المساحة، واتخاذ القرارات. نحن الذين لم نتخذ في حياتنا أي قرار.

لكننا نسهر من أجل فكرة الشتم. 

أحياناً كي نأخذ نفساً طيباً نحتاج أن نشتم شخصاً قليل الحيلة قبل النوم. أن نرى لعنتنا مجسدة أو مصلوبةً في ميدان. هذه هي الفكرة من وجود تسعة وتسعين ظهيراً فاشلاً بين مائة ظهير. وقد انتظرنا من ظهيرنا أن يصنع جملة أو موجة أو فرصةً لكنه كان يكتفي بالوصول إلى الخطر دون هدف واضح أو رغبة في الاختراق. كأن أقدامه لم تخلق للانعطاف. كان لعنة تركض إلى الأمام بخط مستقيم و تعود بخط مستقيم. وكانت هذه هي مشكلتنا في الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق