أصحو وأفكر كيف يمكن للواحد أن يعرف إن كان مرئياً أو غير مرئي؟
أفكر أنني الآن غير مرئي قليلاً، وأنني على أهبة الاختفاء.
أعرف ذلك. لأن أول ما أقوم به كل فجر هو اختبار القُبلة.
أعرف ذلك. لأن أول ما أقوم به كل فجر هو اختبار القُبلة.
أن أمشي مباشرة من السرير باتجاه النافذة، منحنياً بما يشبه الركوع لتقبيل الحمامة التي تتمشى فوق ضلفة النافذة.
أقبّل أول حمامةٍ تهبط في الصباح. أقبلها بقوة خلف الزجاج الشفيف عدة مرات دون أن تطير.
يستغرق الأمر أحياناً ثلاثين ثانية لتشعر الحمامة بظلي وظل القبلة قبل أن تطير.
لذا أملك إثباتاً على أنني حالياً غير مرئي، غير مرئيٍ قليلاً. غير مرئي لثلاثين ثانية.
أقوم باختبار القبلة كل صباح. نَمَتْ لديّ رغبة غامضة بمواصلة الاختبار. أقول لعلّ؟ لعلّني أنجح يوماً في كسر الثانية الثلاثين، والاختفاء تماماً عن العيون.
أقبّل الجناح مرةً، الذيل في الصباح التالي، البطن، العين، المنقار، العنق، والأقدام...
سيأتي الجزء المناسب من الحمامة المنتظرة يوماً ما ليأخذني معه، وأكون الرجل الذي تخلص من ثقله وتلاشى في طائر وقف يرتاح على النافذة.
يتطلب الأمر الكثير من القسوة لتكون شخصاً غير مرئي: ثلاثة عشر عاماً من النوم الانفرادي. وحشةً ثابتةً من طابقين. العيش حافياً، الصمت لساعات،والتجول عارياً في البيت طيلة الأيام.
يتطلب الأمر الكثير من القسوة لتكون شخصاً غير مرئي: ثلاثة عشر عاماً من النوم الانفرادي. وحشةً ثابتةً من طابقين. العيش حافياً، الصمت لساعات،والتجول عارياً في البيت طيلة الأيام.
تفهم مع مرور الوقت أن العري حيلة ناعمة كي يتجه المرء في النمو والارتقاء إلى تلك الجهة القديمة المعاكسة: جهة الرجل الذي نجا من اللباس، هناك حيث انكماش فصوص الدماغ، وخسارة الكلمات والمواقيت والأحلام.
أصحو كل يوم قبل نزول الأشياء ، أواصل التجربة، مؤمناً أن هناك أحداً سيأتي، لأخذي من البيت.
أصحو كل يوم قبل نزول الأشياء ، أواصل التجربة، مؤمناً أن هناك أحداً سيأتي، لأخذي من البيت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق