الجمعة، 13 أبريل 2012

غيّ الحلازين





الكائن الرطب الذي يحمل منزله فوق ظهره كالغجر ومشاة المتنزهات الوطنية.

 اللدنُ الذي ندهسه سهواً بأحذيتنا في الليالي الممطرة.

سيدُ الدأب والبطء. 

ننام بينما يحيل بدأبٍ ردهة البيت والسجاجيد إلى فضة، إلى كرنفال زحلقات، ومدينة ملاهٍ لسائح وحيد هو ذاته الهشة المحقونة بالمياه.

السيد الذي لا يأخذ الحياة على محمل الجد، ولا ينتظر أحداً، ولا يبحث عن قطعة أرض.


السيد البزّاق.

يبصقُ على العالم في الليل ثم يمضي غير عابئ بخلفاء الإله في الكون، ولا بتعويضهم عن الأضرار التي تلحقها بصقته بأرائك المخمل والسجاجيد وخشب الأرضيات.

بصقة الحلزون هي سيارته الرياضية المكشوفة التي يستقلها في نزهات الليل.

 يبصق ويتزحلق فوق حريته، رافعاً قرني النصر واللامبالاة، ثم يغادر بخفة قبل أن نكتشف آثار حفلاته الصاخبة في الصباح.

يعلمني البزّاق أن مركبة الليل تصنع من حوار مع غُدد الذات، وأن محركها الفضي هو الرغبة بالخروج وتلطيخ العالم بلعاب الصدق.


فريسة الملح والخمر.

جربت ،كبشريّ، نزقَ الدفاع عن منزلي ضد طيش الحلازين مستخدماً أسلحة تبيحها جماعات الرفق، كالملح والخمر.
 
أكمن للحلازين تحت ضوء القمر، وأذرّ فوق أجسادها اللدنة ملحاً ناعماً فتنتفخ أجسادها وتنفجر.
 ينفخ الملح أجساد الحلازين كبالونات طارداً من أجسادها الماء، فتنفقُ، وتتصاعد من ظهورها فقاعات النزع الأخير والغرغرة.

ولأنني تقززت من مشاهد التفسخ التي كان يصنعها بارود الملح بالحلازين الطيبة، قررت إنهاء مغامراتها الكونية بطريقة أرحم: أن تقضي غرقاً في مسبح مملوء بالخمر، فيبدو الأمر، مثل نهايات المشاهير، قضاء وقدراً، ودون دماء: جرعة زائدة من المحرمات!

يستطيع الحلزون التزحلق فوق شفرة حادة، لكنه لا يستطيع تجاوز شهوة الفناء.

 لا يطيق الحلزون مقاومة الحفلات، ومنها بالطبع حفلة الموت.
وعندما أخبرني جاري عن حب الحلازين لرائحة البيرة، قررت نصب كمائن من البيرة لها في حديقة البيت.

في الصباح كانت الحلازين الغاوية طافيةً، مكللةً بموت ناعم، سعيدةً كمشردي الشوارع، ومضرجة بالخمر.
 
في (سأم باريس)، كتب بودلير: لا تكونوا عبيداً معذبين للزمن. اسكروا بالخمر، أو بالفضيلة، أو بالشعر. بحسب ما تهوون. المهم أن تسكروا! 

لكن هل كانت الحلازين معذبة مثلنا للزمن، حتى تخسر الرحلة عند كمين البيرة الأول؟
أم أنه شغف الذهاب إلى النهايات والأوطان، مثلما يحصل لفراشة تظن النار غمزةً من الفراديس.
 

-----------------------------

مانشستر- مارس- 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق