الأربعاء، 6 يونيو 2012

الكتابة مشياً تحت سقالة



من أشياء ساقطة يحذرني البناؤون.

 لكنني أمشي وأستلطف الكتابة مشياً تحت سقالة الأشياء الساقطة. 

أن تكتب تحت احتمال الأذى
أن تكتب تحت سقالة: متعة أن تحصي قتلاكَ محفوفاً ببساطير البنائين
أن تكتب تحت احتمال سقوط أشياء
 طيلة الوقت
 طيلة الحب
طيلة الأمهات

أن تقضي شطراً من حياتك مشياً تحت سقالة لا تنتهي، مستغنياً عن مظلة المطر، دون أن يغيب احتمال سقوط أشياء أخرى على رأسك غير أحاديث البنائين عن الطقس، والرذاذ من سوائل أجسادهم، ورماد السجائر. 

اليافطة المعلقة (خطر: أشياء ساقطة) ليست دقيقة تماماً.
 فالمشي الطويل اليومي تحت سقالة أقل خطورة من الجلوس في شقتك لأيام دون مشي.
والمشي لأشهر مع لا أحد تحت السقالة المعمّرة الباردة في بورتلاند ستريت (مانشستر) أقل خطراً من المشي في شوارع الحياة المحفوفة بصوالين التاتو  وموسيقى التكنو والجميلات اللاتي تقطر منهن الطفولة والسيلان


المشي والفرجة الحرة تحت سقالة المشفى الجديد أقل خطورة من تناول العشاء وحيداً كل ليلة برفقة ام بي سي ماكس

المشي تحت سقالة، أي سقالة، يعني أن هناك أكتافاً ستكاتفك، ومعاطف ستتحكك بقميصك، وروائح جيدة أو سيئة ستدخل منخريك الذين لا يشمان أحداً في العادة غير رائحتك الباردة.

المشي تحت سقالة الحياة يعني أن تتوقع، وتنحني،وتَخْفض، وتصطدم، وتتمايل كغصن مع موجات العابرين في الممشى المظلل النحيل


فلتسقط الأشياء الساقطة التي تحذر منها اليافطة.
عندها على الأقل أموت علناً بشهادة الشهود وحضور البنائين، دون أن يكون موتي فيلماً صامتاً، مقيداً ضد مجهول، في طابق سابع لم تدخله امرأة أو باقة ورد منذ سنين

فلتسقط تلك الأشياء الخطرة التي يحذر منها المسؤولون عن الحياة
 فالسقالة التي تصل بين المشفى القديم والجديد، تصل أيضاً بين ضلعين في زمانين. بين ثلاجة موتى دخلتها مرة شاهداً مرتبكاً على جثة الأب ثم الآن ألجها جثة مكللة بالأمان. بين مسجد أزوره زمناً طويلاً بقدمين كسولتين ثم محمولاً الآن بخفة تخطف القلب على الأكتف المصقولة لعمال البناء.


أكتب تحت سقالة متفرجاً على سقوطي من أضلع الأصدقاء الشاهقة وهواتفهم.
 من مسيّر الرواتب في الدور الخامس ومحاضر لجان الأمل، وقوائم الفولوينج في الشبكات الاجتماعية. 
أكتب متأملاً سقوطي الحر من أبراج حمام هواة الحكمة الضالة والبستنة الذين لا يدركون حجم المتعة التي تزهر الآن وأنا أشاهدهم يقلمون اسمي من أجهزتهم الذكية مثل عشبة ضارة.
هؤلاء الذين يمنحونني إحساساً سرياً بالخفة وهم يركلونني في الهواء، وينظفون حياتهم مني. لكم أشعر بالغيرة حين أرى نجاعتهم في التخلص السريع من الأشياء الزائدة والميتة التي توقفت عن الإلهام  وإصدار الأصوات.


وهأنذا أقرأ لافتة الأشياء الساقطة، وأبتسم للحياة التي تهطل متأخرة بعد سن يأس التراب، متأملاً أوجه الذين قرروا الاحتفاظ بالعشبة الضارة بين بلاطات أضلعهم ولم يحفلوا بكنس أسماء الموتى من هواتفهم الوفية اللامعة.

 أعدكم أيها الأصدقاء الذين تعرفت عليهم بشكل أفضل بعد الموت. أعدكم بعد وفاتي تحت سقالة الأشياء أن أعمل بجد لأكون  زهرة تجدونها في مكان ما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق